تتوقع دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature Climate Change"، وهي مجلة أكاديمية متخصصة تابعة لـ Springer Nature، حدوث زيادة كبيرة في عدد الأنهار الجليدية التي تختفي على مستوى العالم كل عام، لتصل إلى 2000-4000 بحلول منتصف-القرن الحادي والعشرين. ويعتمد العدد الدقيق على معدل الاحترار مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. ويشير المؤلفون إلى أنه إذا اقتصر الاحترار على 1.5 درجة، فإن عدد الأنهار الجليدية المتبقية بحلول عام 2100 سوف يتضاعف مقارنة بسيناريو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.7 درجة، مما يمنع الاختفاء شبه الكامل للأنهار الجليدية في ظل سيناريو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 4.0 درجة.
وتوضح الدراسة أن الأنهار الجليدية العالمية تتراجع بسرعة، وهو اتجاه مرتبط بارتفاع مستويات سطح البحر. ومع ذلك، فإن اختفاء الأنهار الجليدية الفردية يحمل أيضًا آثارًا ثقافية وروحية واقتصادية. تتمتع الأنهار الجليدية بأهمية ثقافية وروحية في بعض المجتمعات، وتجذب ملايين السياح سنويًا، كما أنها مصادر مياه حيوية لمناطق المصب.
في هذه الدراسة، قام لاندر فان تريخت، المؤلف الأول والمؤلف المقابل لهذه الورقة، جنبًا إلى جنب مع زملاء ومتعاونين من ETH Zurich، بتحليل قاعدة بيانات تضم أكثر من 200000 نهر جليدي استنادًا إلى ملفات تعريف الأنهار الجليدية المرصودة عبر الأقمار الصناعية-. استخدموا ثلاثة نماذج للأنهار الجليدية في ظل أربعة سيناريوهات للاحترار (درجات حرارة تتجاوز مستويات ما قبل الصناعة بمقدار 1.5 درجة و2.0 درجة و2.7 درجة و4.0 درجة بحلول عام 2100). لقد قدموا مفهوم "ذروة انقراض الأنهار الجليدية"، أي العام الذي يختفي فيه أكبر عدد من الأنهار الجليدية.
وتشير النتائج إلى أنه في ظل سيناريو الاحترار بمقدار 1.5 درجة، ستصل الأنهار الجليدية إلى ذروة انقراضها في عام 2041، مع اختفاء 2000 نهر جليدي سنويًا. وفي ظل سيناريو 4.0 درجات، وبسبب الخسائر الأشد والأطول أمدا في مساحة الأنهار الجليدية وحجمها، ستحدث الذروة في وقت لاحق، ومن المحتمل أن تصل إلى 4000 نهر جليدي سنويًا في منتصف خمسينيات القرن الحالي.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تصل المناطق التي تهيمن عليها أنهار جليدية أصغر، مثل جبال الألب الأوروبية وجبال الأنديز شبه الاستوائية، إلى ذروتها في وقت مبكر، مع احتمال اختفاء 50% من أنهارها الجليدية في غضون العشرين سنة المقبلة. ستصل المناطق ذات الأنهار الجليدية الكبيرة، مثل جرينلاند ومنطقة القطب الجنوبي، إلى ذروة تراجع الأنهار الجليدية في أواخر القرن الحادي والعشرين.
ويخلص مؤلفو الورقة إلى أن هذا البحث يكشف عن نقطة تحول في التطور الجليدي، والتي سيؤثر تأثيرها على النظم البيئية والموارد المائية والتراث الثقافي. ويذكرون أن الأبحاث المستقبلية قد تعدل هذه التوقعات، ولكن ما إذا كان فقدان 2000 أو 4000 نهر جليدي سنويًا بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين يعتمد على السياسات المناخية المطبقة اليوم.




